الشراكة المغربية الإسبانية..

الشراكة المغربية الإسبانية..

العباس الوردي (*)الأربعاء 24 ماي 2023 – 08:57

عنوان احترام الجار للجار

منتدى اقتصادي رفيع المستوى ينعقد بمدريد، بين الجار الإسباني والمسؤولين المغاربة، بداية واضحة لمواصلة البناء الاقتصادي المشترك والذي ينحو بناء جسر إفريقيا ـ المغرب / المغرب ـ أوروبا؛ وهو تمثل يؤكد أن التخطيط الاستراتيجي هو خيار هذه المرحلة بين الشريكين، وخاصة فيما يتعلق ببحث فرص الاستثمار بين الشركات الإسبانية ونظيرتها المغربية في الطاقات المتجددة والفلاحة وصناعة السيارات وغيرها، وهي معادلة توحد بين التاريخي من أجل بناء الحاضر والتنظير للمستقبل.

ويمثل العامل الجيوسياسي أحد المؤشرات الأساسية التي ستعود بالنفع على البلدين؛ ذلك أن القرب الجغرافي يشكل نواة أساسية. وإن ما ييسر العمل بين الجانبين هو ذلكم الرباط الذي تمخض عن الدورة الـ12 بين المغرب وإسبانيا، حيث جرى التوقيع على 19 اتفاقية للتعاون بينهما، ناهيك عن خلق قنوات حية للتواصل والتعاون بطريقة مستمرة سواء فيما يتعلق بالرهانات الاقتصادية والأمنية والسياسية.

إن احترام الجار للجار ليجسد صورة جديدة للتعاون الجديد. ومن بين تمثلات هذا العنصر الذي يزاوج بين التاريخي والحاضر والمستقبل نذكر، على سبيل المثال لا الحصر، عزم الجانبين بناء مشروع ربط قاري ضخم بين إفريقيا والمغرب؛ ناهيك عن حضور رغبة جامحة في بناء مشاريع مشتركة، كما هو الأمر بالنسبة لملف الترشيح المشترك المغرب إسبانيا البرتغال لاستضافة مونديال 2030.

إننا أمام نموذج متفرد للتعاون البيني والمنفتح في الآن نفسه مع الشركاء الآخرين الذين يؤمنون بوحدة المصير الدولي.

إن ما يؤكد عمق هذه الشراكة بين البلدين يتجلى، وبلغة الأرقام، في احتضان المغرب لما يزيد عن 1000 شركة تنشط بالمملكة؛ ناهيك على أن قيمة صادرات إسبانيا نحو المغرب فاقت 77 مليار درهم، هذا بالإضافة إلى تخصيصها لخط ائتمان 800 مليون يورو، بينما بلغت بالمقابل قيمة صادرات المغرب نحو إسبانيا 8 مليارات و692 مليون يورو سنة 2022، أي بارتفاع قياسي مقارنة مع 2021 بنسبة 19,1 في المائة.

ومن هذا المنطلق، فالحوار الثنائي الذي تقوده المملكتان سيؤدي لا محالة، سواء عبر منصة مدريد أو ملتقى الدار البيضاء المقبل، إلى فتح نقاش معمق ومستفيض حول كل المواضيع المرتبطة بالتنمية المشتركة بين البلدين على أساس رابح –رابح؛ ومن ثم تمكين جميع الفرقاء المجاليين، وعلى رأسهم مستثمرو البلدين، من رسم معالم خريطة تنموية ثنائية كفيلة بتوطين مواطن الاستثمار بينهما.. ومن ثمة المرور إلى السرعة التعاونية القصوى الكفيلة ببناء جدار تعاوني عنوانه الاحترام المتبادل، الذي تضمنه البيان الذي تمخض عن الاجتماع رفيع المستوى المغربي الإسباني إبان رجوع المياه إلى مجاريها.

لأجل كل ذلك، فواقع الحال ينم على أن دينامية العلاقات الإسبانية قد أصبحت تشكل أحد المقومات الأساسية للإقلاع التنموي الإفريقي الأوروبي، والذي يأخذ من احترام الجار وتقديره بوابته الرئيسية.

(*) أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط والمدير العام للمجلة الإفريقية للسياسات العامة

#الشراكة #المغربية #الإسبانية.

زر الذهاب إلى الأعلى