تتحرك الآلة الدبلوماسية في الرباط ومدريد مجددا بعين تستقر على تحصين المنطقة كاملة من تدفق موجات الهجرات السرية، حيث من المرتقب أن يعقد اجتماع خلال شهر دجنبر المقبل يستقطب دولا أخرى لتنضم إلى المقاربة المغربية الإسبانية.
وستشكل الخطوة اختبارا لجدية دول الجوار في تدبير ملفات الهجرة السرية ومكافحة شبكات الاتجار بالبشر، خصوصا في منطقة الساحل وكذلك الجزائر التي تمتنع منذ مدة عن أي تنسيق مع السلطات المغربية في الجوانب الأمنية وقضايا الهجرة.
وأعلن وزيرا خارجية المغرب وإسبانيا من نيويورك أن الرباط ومدريد تعتزمان تنسيق الجهود خلال اجتماع مرتقب في دجنبر المقبل، بهدف استقطاب دول أخرى لتنضم إلى المقاربة المغربية الإسبانية لقضية الهجرة ومكافحة شبكات الاتجار بالبشر.
وتعنى دول عديدة بتصدير موجات الهجرة أو اعتبارها مرحلة عبور قبل الوصول إلى المغرب والحدود المتاخمة “للفردوس الأوروبي”، خصوصا إفريقيا جنوب الصحراء والجزائر وليبيا والسودان؛ لكن إلى حدود اللحظة لم تطرح أية تفاصيل إضافية غير إعلان اللقاء.
وتواجه السلطات المغربية والإسبانية تحديات كبرى بتعدد وجهات “الحريك” بانتقالها إلى ثغري سبتة ومليلية وكذلك مياه المحيط الأطلسي التي تقود صوب جزر الكناري، فضلا عن الاحتفاظ بنقاط العبور عبر البحر الأبيض المتوسط.
نبيل الأندلسي، الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، اعتبر أن التنسيق والتعاون المغربي الإسباني في مجال تدبير الهجرة ومكافحة شبكات الاتجار بالبشر تعزز بشكل قوي في الفترة الأخيرة، خاصة بعد تحسن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد الاعتراف الإسباني بمبادرة الحكم الذاتي وتأييدها للطرح المغربي.
واعتبر الأندلسي أن قضية الهجرة تعتبر ذات أهمية لدى الطرف الإسباني بشكل أساسي، ودول الاتحاد الأوروبي بشكل عام؛ وهي الملف الذي لا يمكن معالجته بفعالية دون تعاون الجانب المغربي، وهو ما سبق أن أكده وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، بحيث اعتبر أنه “لا يمكن إدارة مسألة الهجرة، دون مساعدة من المغرب”.
وأشار الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية إلى أنه، لأهمية موضوع الهجرة بالنسبة للجانبين المغربي والإسباني، تم تفعيل “المجموعة المشتركة الدائمة المغربية الإسبانية حول الهجرة” للتنسيق وتبادل المعلومات والخبرات لمواجهة التحديات التي يفرضها تزايد أعداد الراغبين في الهجرة من إفريقيا إلى أوروبا، خاصة في ظل تزايد وتوسع مناطق النزاعات والتوترات ومشاكل الفقر والبطالة.
وفي السياق ذاته، يعتقد المتحدث أن المغرب يتبنى مقاربة شاملة وإنسانية ومندمجة في تعاطيه مع هذا الإشكال الذي يستلزم من الجانب الأوروبي زيادة الدعم المقدم إلى المغرب، لمساعدته على تدبير الإشكاليات التي يطرحها هذا الملف.
وأكد الأندلسي أن المغرب استطاع كسب ثقة الأوروبيين والاعتراف بالأدوار التي يقوم بها للتصدي لهذه الظاهرة، التي تؤرق الإسبان وعموم دول الاتحاد الأوروبي، وقد قام المغرب بمجهودات مهمة للتصدي لشبكة تهريب المهاجرين.
ونجح، خلال سنة 2021 وحدها، في إجهاض 63 ألفا و121 محاولة للهجرة غير الشرعية ونزوح غير نظامي، وتفكيك 256 شبكة إجرامية لتهريب المهاجرين، فضلا عن إنقاذ 14 ألفا و236 مهاجرا، وفق إحصائيات رسمية.
وشدد الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية على أن عموم دول الشمال الإفريقي معنية بصفة مباشرة بهذه الظاهرة، وزاد: “بالإضافة إلى المغرب نجد دول الجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا؛ وهو ما يستوجب مقاربة وتنسيقا إقليميا لمعالجتها”، مذكرا أن الجزائر خلال سنة 2021 مثلا عرفت أكبر نسبة من الهجرة غير النظامين والمهاجرين غير الشرعيين نحو إسبانيا. وقد حدد بعض التقارير أن هذه النسبة كانت أكثر من 70 في المائة.
ووفق تقديرات المتحدث ذاته، فإن الجزائر لن تشارك في أي مقاربة مغربية إسبانية، بسبب العلاقات المتوترة بينها وبين البلدين المعنيين؛ لذا، من الصعب الحديث أو انتظار تعاون جزائري على هذا المستوى في ظل العلاقات والمعطيات الحالية.
من جهته عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، أورد أن مناطق انطلاق الهجرات السرية بدأت، منذ الأربع سنوات الأخيرة، تتغير؛ لتنتقل من السواحل الشمالية عبر البحر المتوسط نحو سواحل الأطلسي، بسبب تشديد المراقبة على مستوى المنافذ الشمالية.
واعتبر الخضري أن الإبحار عبر المحيط الأطلسي ينطوي على مخاطر لا تتصور، سواء تعلق الأمر ببعد المسافة واستحالة التزود بما يكفي من بنزين المحرك والتغذية اللازمة أو صعوبة تحديد الاتجاه داخل المياه الدولية، وسجل المصرح لهسبريس أن التحرك في المتوسط صعب بسبب الأمواج العاتية ومخاطر أسماك القرش، التي تفوق بكثير تلك الموجودة عبر المتوسط، وزاد: “الكثير من هؤلاء المهاجرين يسعون إلى الإبحار عبر سواحل إقليم طرفاية للهجرة نحو لاس بالماس”.
#المغرب #وإسبانيا #يختبران #الجيران #بـاستراتيجية #جماعية #لوقف #الهجرة #السرية