وصف المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد بـ”الاستثنائية”، التي تنبع من حرص الملك محمد السادس على تصويب الرؤية وتسديدها تجاه التحديات ذات الطبيعة الاستراتيجية، والنظر إلى مواجهتها انطلاقا من تثمين عناصر القوة الرمزية والمادية، وتجاوز الاختلالات التي تعيق بناء مغرب التقدم والتنمية.
واعتبر الخطاب الملكي بمثابة خارطة طريق قائمة على محددات قيمية واستراتيجية، تنهض على أولويات الإنصاف والمساواة والتضامن والسلم بين الشعوب، متمنيا أن يكون الفاعلون السياسيون والاقتصاديون والمدنيون في مستوى هذه التحديات من أجل مغرب التقدم والكرامة.
وأضاف الحزب، في بلاغ له، أنه استقبل بارتياح كبير الإشارات الملكية الداعية إلى تعديل مدونة الأسرة، وتحيين بنودها، بما يجعلها قادرة على تجاوز العديد من الاختلالات التي أبانت عنها التجربة، وهي عوائق سوسيولوجية أساسا، مرتبطة بمقاومات ذهنية لمسار التحديث والعقلنة والانفتاح.
وأوضح أن إقرار تشريعات وقوانين بهدف التمكين للنساء ورد الاعتبار لهن، وصولا إلى غاية المناصفة، كما قال الملك، يتضمن فهما متقدما لدور المرجعيات القانونية والتشريعية، التي لا يجب أن تكون تقنينا لما هو قائم في المجتمع، ولو اكتنفته مظالم تاريخية، بل يتوجب أن يكون فهما بيداغوجيا استباقيا، حيث يقود القانون المجتمع نحو التقدم والتحديث والمساواة. فالقانون أساسه رفع المظالم وليس تقنينها، يضيف الحزب.
وسجل البلاغ ذاته بإيجابية كبيرة ما ورد بالخطاب الملكي فيما يخص ورش تحديث وتحيين مدونة الأسرة وباقي عناصر إقرار الحقوق الفعلية للنساء لإحالات مرجعية على مجال تداولي يمتح من الإنصاف والمساواة الكاملة والمناصفة والتقدم والكرامة الإنسانية، مبرزا أن ذلك يعكس المنحى التحديثي للمقاربة الملكية، وهو منحى يقتضي تلقيا عقلانيا للنصوص الدينية، يقطع مع الفهوم النصوصية الحرفية، ويستند على مقاصد الشريعة التي تعني تغير الأحكام بتغير السياقات، وبأولوية روح التشريع الإسلامي المستهدي بغايات العدل والكرامة والمساواة، وانسجاما مع أفق الدولة الاجتماعية باعتبارها خيارا استراتيجيا.
وأشار التنظيم السياسي ذاته إلى تحويل المغرب لحظة “كوفيد” القاسية إلى لحظة للإسراع ببناء براديغم تنموي جديد على قاعدة الإنصاف الاجتماعي، بدءا من الانتباه إلى أولوية السيادة الصحية عبر تعميم نظام التأمين الإجباري عن المرض ليعم غير الأجراء، وكذا المستفيدين حاليا من نظام “راميد”، مرورا بتعميم التعويضات العائلية على الفئات الهشة، وانتهاء بالإسراع بإخراج السجل الاجتماعي الموحد.
ووصف الاتحاد الاشتراكي هذا الورش الاجتماعي بـ”غير المسبوق، والبعيد عن سوق المزايدات السياسوية، فهو ورش للدولة المغربية، وليس لأي حكومة عابرة، ويحتاج للتملك الجماعي، دولة ومجتمعا”، مشيرا إلى “أننا اليوم أمام ما يمكن أن نسميه: “المسيرة الاجتماعية”.
وأبرز أن إنجاح المسيرة الاجتماعية يحتاج لاقتصاد وطني قوي، يكون رافعة للتنمية والتقدم والمساواة، وليس مدخلا للريع والمضاربات، اللذين يعمقان الفوارق الاجتماعية والمجالية، مضيفا أن الخطاب الملكي، وفي إطار نهج الصراحة الذي يمكن اعتباره من ثوابت الخطب الملكية، اعترف بالصعوبات التي يمر منها الاقتصاد الوطني بفعل مخلفات الجائحة وتقلبات الأسعار في السوق الدولية وتأثيرات الجفاف، لكنه لم يركن إلى لغة تبريرية للهروب من استحقاقات التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية وتجاوزها، بل اعتبر أن هذه الظرفية الاستثنائية الصعبة ليست مبررا لعدم دعم الفئات الهشة، والانحياز لاحتياجات الطبقات الاجتماعية.
لذلك، يضيف البلاغ، فإن دعم الفلاحين والزيادة في ميزانية صندوق المقاصة ليس مما يوجب المن به على المغاربة البسطاء كما دأبت على ذلك بعض التصريحات المنسوبة إلى بعض الوزراء، للأسف، بل هي واجب الدولة تجاه مواطنيها، أو كما قال الملك “ليس ذلك بكثير على المغاربة”.
واعتبر التنظيم السياسي نفسه خطاب الملك في الشق الاقتصادي بمثابة بوصلة هادية، تعيد الاعتبار إلى قيمة التضامن، وتنبه إلى مخاطر الجشع والاحتكار والمضاربات على السلم الاجتماعي، وتضع الجميع أمام مسؤولياتهم، سواء الفاعل الحكومي أو الاقتصادي.
وتابع “إنه زمن يتطلب التضامن وأولوية الصالح العام، لا انتهاز الفرص لمراكمة الأرباح على حساب معاناة المواطنين والأسر، وإن السياقات الدولية والوبائية والمناخية ليست مبررا للتنصل من واجب حماية الدخل الفردي للأسر وقدراتها الشرائية”.
وأوضح البلاغ أنه استكمالا لاستراتيجية بناء المغرب الكبير أصر الملك محمد السادس على مد يده مرة أخرى للجزائر الشقيقة، مع التركيز على واجب وقف بعض مظاهر التراشق بين محسوبين على الشعبين المغربي والجزائري، معتبرا ذلك مراهنة على مغرب الشعوب من أجل بناء التكامل المغاربي المنشود، وهو وعي بأن كل النجاحات الدبلوماسية، التي يشهد بها العدو قبل الصديق، تظل ناقصة في ظل توتر إقليمي بين الجيران.
وأكد أن المغرب رغم كل هذه التوترات العابرة، سيبقى حريصا على إطفاء الحرائق بين دول المغرب الكبير وشعوبه، ولن يسمح بأن تستثمر قوى خارج المنطقة في إذكاء مناخات التفرقة بين الشعوب المغاربية.
#الاتحاد #الاشتراكي #خطاب #الملك #خارطة #طريق